An aerial picture of the destruction caused by the Syrian regime's attack on the city of Deraa in 2017 |
رفض النظام السوري هذا العرض واعتبره محاولة غربية لكسر محور المقاومة وأصر على سياسته تجاه شعبه التي أدت إلى مقتل أكثر من نصف مليون شخص وأعداد كبيرة من المفقودين وتهجير أكثر من نصف الشعب السوري وتدمير كبير للبنى التحتية واحتلال إيران وميليشياتها لكل من أجزاء كبيرة من الأراضي السورية والقرار السياسي والعسكري السوري.
مع كل هذه النتائج الكارثية للسياسة العبثية للنظام السوري، بدأ مؤخرا المسؤولون السوريون يصرحون لوسائل الإعلام الروسية والإيرانية أن النظام السوري انتصر بمعركته ضد شعبه وأن الأوان آن لعودة المهجرين الذين هربوا من بطش النظام وخصوصا المتواجدين في لبنان والأردن وأن إعادة الإعمار يجب أن تبدأ مع الأولوية للشركات الإيرانية والروسية خاصة بمجال الطاقة.
وبنفس الوقت تقوم روسيا حاليا بمحاولة الضغط على الاتحاد الأوروبي للمساهمة في إعادة الاعمار، الأمر الذي رفضته هذه الدول. ولمحاولة تجنب العقوبات الدولية بدأ النظام بالتعاون مع شريحة جديدة من رجال الأعمال الموالين له وغير المشمولين بالعقوبات الاقتصادية من الدول الغربية ليكونوا صلة الوصل مع العالم الخارجي وليشجعوا رجال الأعمال والشركات الأجنبية، وخاصة الخليجية ودول أوروبا الشرقية السابقة، بالاستثمار في إعادة البناء والوعود بأرباح كبيرة.
تمهيدا لذلك، قام النظام بإصدار قانون رقم 10 عام 2018 الذي يعطي الحق للنظام بمصادرة أملاك أي شخص لا يثبت ملكيته لدى دوائر الحكومية خلال فترة شهر، وبالتالي فقد أكثر من نصف الشعب السوري ملكيته والتي سيعطيها النظام للشركات الخاصة للاستثمار، مما سيعرض المستثمر لمشاكل قانونية محلية ودولية قد تصل إلى فرض عقوبات اقتصادية لأن ذلك سيعيق عودة المهجرين من أوروبا وغيرها من البلدان لوطنهم. بالإضافة، إن هذه الاستثمارات تدعم الاحتلال الإيراني وميلشياته في سورية وتعطيه الشرعية بأموال الدول التي تقف ضد إيران.
لخطورة هذا القانون تقدمت 40 دولة بشكوى لدى الأمم المتحدة طلبت فيها من الأمم المتحدة ومن روسيا الاتحادية الضغط على النظام لإلغاء هذا القانون واعتباره يساهم باستمرار الحرب ويمنع عودة اللاجئين.
وترافق إصدار القانون 10 مع تصريحات منسوبة لقادة أمنيين من النظام بوجود لوائح بأسماء 3 ملايين شخص مطلوب من قبل النظام؛ هذا يعني أن النظام صادر الأراضي ومنع عودة المهجرين إلى بلادهم وممتلكاتهم بشكل فعلي، وبنفس الوقت يقوم بالتسويق لإعادة الإعمار كوسيلة للحصول على أموال تساعده على دفع فواتير الحرب العبثية التي قام بها، وخصوصا لإيران التي أعطت النظام قروضا اقتصادية بقيمة 4 مليارات دولار، عدا عن القروض والمساعدات العسكرية وكذلك الأمر بالنسبة لروسيا.
وبنفس الوقت تقوم روسيا حاليا بمحاولة الضغط على الاتحاد الأوروبي للمساهمة في إعادة الاعمار في سورية، الأمر الذي رفضته دول الاتحاد بشكل مطلق وربطته بتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بحل الأزمة في سورية.
ما رفضه النظام من عروض مالية وسياسية في بداية الأزمة السورية عام 2011 لدعم الاستقرار وليوفر على سورية كل الدمار والمآسي التي عاشت بها والحد من نشاط إيران التخريبي في المنطقة العربية، يريد الحصول عليها الآن من نفس البلدان التي تقف بوجه إيران عن طريق طرح استثمارات غير قانونية وغير أخلاقية في مجال إعادة الإعمار.
نرى، أن على الدول المهتمة بإنهاء الأزمة السورية أو التخلص من الهيمنة الإيرانية في المنطقة أن تدرك أن أي مشاركة بإعادة الإعمار بالظروف الحالية، هي دعم لإيران. وإذا كان النظام مهتما بإعادة الإعمار والاستقرار وبعودة المهجرين فعليه أن يبدأ بطرد إيران من سورية وليس توقيع اتفاقيات عسكرية معها.
ويمكن لهذه الدول إنشاء مجلس لرجال أعمال سوريين أثرياء لم يكونوا طرفا في الأزمة السورية، وقادرون على البدء في إعادة الإعمار بأموال سورية عندما تتحقق التسوية السياسية بموجب القرارات الدولية، ويكون هذا المجلس أكبر من النظام والمعارضة بأجندته ومدعوما من المجتمع الدولي سياسيا وماليا وهو يشكل صلة الوصل اللاحقة بين إعادة بناء سورية ومن يريد المساهمة بهذه العملية المعقدة.